طلاب المرحلة الثانوية بمدرسة الزاد الأهلية في جيبوتي
(الجزيرة نت)
عبد الفتاح نور أشكر-جيبوتي
تنتشر المدارس الأهلية العربية في جميع أقاليم ومدن جيبوتي، وتعتمد في سد احتياجاتها وتمويلها على الرسوم الدراسيـــــــة البسيطة التي يدفعها الطلاب، ورغم قلة إمكانياتها فإنها تشهد إقبالاً منقطع النظير لدى شريحة واسعة من المجتمع الجيبوتــــي.
وتشهد الساحة التعليمية الجيبوتية بمختلف مستوياتها صراعاً ثقافيــاً بين العربيــة -التي تمثل هوية المجتمع الجيبوتي- واللغــــة الفرنسية التي تغلغلت في أوساط المجتمع الجيبوتي بسبب الرواسب الثقافية واللغوية التي خلفها الاستعمــــار الفرنســـــــــي.
وقد أُنشئت أول مدرسة أهلية في جيبوتي عام 1936، وهي مدرسة النجاح الإسلامية بمبادرة من الجاليـــة العربيـــة، وكان هدف المدرسة في بداية تأسيسها هو دعم الوجود العربي وتعزيز مكانة لغة الضاد داخل المجتمع الجيبوتي.
وبحسب إحصائيات رابطة المدارس الأهلية العربية بجيبوتي، فإن عدد المدارس الأهلية المسجلة لديها يصل إلى سبعين مدرسة أهلية يدرس فيها نحو 4667 طالباً وطالبة. ويعتبر المعهد الإسلامي التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أكبر مؤسسة تعليميـــة تساهــــم في نشــر الإسلام وتعزيز اللغة العربية في جيبوتي، ويرجع لها الفضل في انتشار المدارس الأهلية في ربوع جمهورية جيبوتي.
أحمد نور: المدارس العربية تلعب دورا ملموسا في منافسة الفرنسية (الجزيرة نت)
صراع ثقافي ويشير رئيس رابطة المدارس الأهلية العربية بجيبوتي أحمد نور علي، إلى أن المدراس الأهلية في جيبوتي تلعب دوراً ملموســــاً في منافسة اللغة الفرنسية التي تعتبر لغة الدراسة والإدارة الرسمية في البلاد.
وذكر نـــــــور في حديث للجزيرة نت، أن المدارس الأهلية العربية تقوم بدور رائد -رغم قلة إمكانياتها- في غرس الثقافة الإسلاميـة ونشر اللغة العربية وتعميق الانتماء العربي لدى الشعب الجيبوتي الذي يعاني من صراع ثقافي بسبب وجود مدارس ومؤسســات تعمل من أجل تمكين اللغة الفرنسية في جيبوتي.
وقال “هناك مساع غربية لسلخ المجتمع الجيبوتي عن هويته العربية، وتوفر الدول الغربية للمدارس التي تتبع المنهج الفرنســــي كل الإمكانيات اللازمة من أجل إزاحة الثقافة العربية عن المشهد التعليمي في البلاد”.
وأضاف نور أنه وبرغم هذا التضييق على الثقافة العربية في جيبوتي فإن اللغة العربية ما زالت تحافظ على تماسكها، حتى أصبحت في طليعة اللغات المستخدمة في الشارع الجيبوتي بسبب وجود جالية عربية ضمن النسيج المجتمعي في البلاد.
المدرسة اليمنية في جيبوتي أسست عام 1991 (الجزيرة نت)
الحاجة للدعم وذكر نور أن الثقافة العربية في جيبوتي بحاجة إلى من يدعمها ويقف إلى جانبها، لأنها أثبتت وجودها القوي على الساحــــــة من خلال المساعي البسيطة التي قامت بجهود شعبية ذاتية، وفي حال وجدت من يدعمها فإن الثقافة العربية سيكون لها الغلبة في حلبة صراع الثقافات التي تشهدها جيبوتي حالياً.
وتعتبر المدرسة اليمنية -التي بدأت العمل داخل جيبوتي في بداية تسعينيات القرن الماضي- ضمن المدارس الأهلية التي تخــدم الثقافة العربية داخل بلد يعاني من تجاذبات ثقافية.
ويقول مدير المدرسة اليمنية عيدروس حسن محمد، إن مدرستهم خرجت منذ إنشائهــــــــا في جيبوتي 22 فوجاً دراسياً، وهو ما اعتبره عيدروس إنجازا ملموساً في مضمار خدمة الإسلام والثقافة العربية في بلد يواجه صراعا ثقافياً فريدا من نوعه بسبب الوجود الكثيف للمدارس التي تحمل الهوية الفرنسية.
ولتجاوز معضلة الصراع الثقافي التي تواجهها المدارس العربية في جيبوتي، يقترح عيدروس فتح المزيد من المدارس التي تخــــدم الإسلام والعربية، خاصة وأن الحكومة الجيبوتية ترحب بمثل هذه المبادرات التي تهدف إلــــــى تعميق الإنتمــــــاء العربي للشعب الجيبوتي.
وأوضح للجزيرة نت، أن الأجواء مواتية لفتح المزيد من المؤسسات التعليمية التي تنشــــر العربيـــة داخل المجتمع الجيبوتي الذي يحب كل ما له علاقة بالإسلام والعربية.
فؤاد عبد الله: عقبات كثيرة تواجه المدارس الأهلية بجيبوتي
(الجزيرة نت)
عقبات وعثرات وعلى الرغم مما قدمته هذه المدارس من أعمال جليلة في سبيل إرســــاء دعائم الثقافة العربية ونشرها داخل جيبوتي، فإنه لا تزال هناك بعض المعوقات التي تقف حجر عثرة أمام المدارس الأهلية العربية بجيبوتي.
ويوجز الأكاديمي والخبير التربوي فؤاد أحمد عبد الله هذه العقبات بغياب دعم مالي يُمكن هذه المدارس من منافسة المــــــدارس التي تعتمد على المنهج الفرنسي.
وأوضح للجزيرة نت، أن مشكلة غياب منهج تعليمي موحد هو أيضاً أحد أبرز المعوقات التي تواجهها المدارس الأهلية بجيبوتــــــي.
وأضاف “هناك عقبات أخرى مثل مشكلة غياب كوادر إدارية كافية تقوم بمهمة إدارة المؤسسات التعلمية العربية بصورة ملائمـــة، وتعتبر مشكلة غياب المدرسين الأكفاء هي إحدى أبرز العقبات التي تعيق تقدم المدارس الأهلية العربية بجيبوتي”.