دنيا المغتربين : امريكا : في هذه السطور نقترب من تجربة المُهاجر الدكتور / محمد عزيز وحكايته مع النجاح في المهجر الأميركي ، وهي حكاية تنقّل خلالها بعدد من المراحل والمحطات ، بدءًا من وطنه الأصلي اليمن ، وهي القصة التي نحاول – هنا – تسليط الضوء عليها، والاحتفاء بتجربته من خلالها ..
في سياق اهتمام “ اليمني الأميركي”، وحرصها على تقديم تجارب المهاجرين المتميزين ، والتي تُمثل تجاربهم دروسًا أميركية يجب أن يقرأها الآخرون..
قبل ذلك لا بد من التنويه بخصوصية تجربة الدكتور / عزيز ، من حيث إصراره على تجاوز الكثير من المعوقات التي واجهت تجربته، وصولاً إلى صناعة نجاحه، وتأسيس حضوره في المهجر كمدرّس للغة العربية في جامعة “ ييل ” ، بعد نيله الماجستير ، والدكتوراه في جامعة “ميشيغان ”، التي وصل إليها من اليمن لمواصلة الدراسات العليا بالتعاون ما بين الجامعة ومكتب منظمة “ آمديست ” بصنعاء .
محاولة فاشلة
بدأت فكرة هجرته إلى أميركا عقب دراسته اللغة الإنجليزية في بريطانيا، وهناك بدأت لديه الرغبة في السفر إلى الولايات المتحدة ، وكان ذلك في مستهل الثمانينيات.. يقول: “كنتُ أتصور أن هناك منحًا دراسية أو للعمل.. لم تتحقق المحاولة الأولى على الرغم من التعب والإصرار في الحصول على منحة ، من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ، عام 1982 ، ولم أحصل عليها بسبب المعدل العام في الثانوية ، وعدم نضوج فكرة السفر، وبعدها حاولتُ الحصول على منحة مالية ، وحصلتُ – فعلاً – عليها وقدرها 200 دولار، ولكن حصل لديّ ردة فعل ؛ لأني أعرف أن المنحة لم تكن كافية ، ولأنني لا أريد أن أحمّل والدي الكثير ، خاصة أنه دفع لي مصروف الدراسة في بريطانيا – رحمة الله عليه ؛ فقررتُ الالتحاق بجامعة صنعاء، وتخرجتُ في قسم الأدب الإنجليزي ، ومن ثم حصلت على وظيفة “ مترجِم ” ، في وزارة الأشغال ، لكن لم يعجبني الوضع ؛ حيث لم يكن هناك عمل أمارسه ، وتم تحويلي ، لاحقًا، لوزارة التربية ، وتحديدًا في مكتب العلاقات الثقافية ، ولاقيتُ نفس المشكلة، حيث لم يكن هناك عمل أمارسه في مجال الترجمة؛ ففضلت مهنة التدريس ، وزاولتها لمدة (8) سنوات” .
منحة أميركا
بعد تلك المحاولة الفاشلة لدخول الولايات المتحدة والعودة إلى اليمن حيث استكمل دراسته الجامعية والتحق بميدان التدريس، لم يتخلّ محمد عزيز عن حلم السفر إلى أميركا، فخاض محاولة ثانية ..
“ في العام 1994 قدمت منظمة “آمديست” الأميركية منحتين لليمن، تقدّم لها نحو ( 500 ) شخص.. تم اختيار ( 7 ) أشخاص ، وأنا واحد منهم .. وبعد المقابلة النهائية ،حصلتُ على الترتيب الرابع، يعني لم أوفّق في تلك الخطوة ، لكن حصل تواصل مع أحد الأكاديميين في جامعة “ميشيغان” يعرف قدراتي اللغوية، وكذلك تخصصي في مجال التصوّف ؛ لهذا قدّم اقتراحًا بأن يتم قبولي على أن تتحمل “آمديست” مبلغًا رمزيٍّا، فيما تتحمل الجامعة رسوم الدراسة، على أن أقوم بأعمال مقابل هذه الرسوم ، منها التدريس باللغة العربية للطلاب الناطقين بغير العربية، وتمت الموافقة ” يقول د . محمد .
الأشهر الأولى
سافر محمد إلى أميركا عام 1995م ، كطالب ماجستير ، وانتقل به الحال من مُدّرس لغة إنكليزية في المدارس الإعدادية والثانوية في اليمن إلى مُدّرس للغة العربية في إحدى الجامعات الأميركية بعد أن أكمل تعليمه العالي، وحصل على الماجستير والدكتوراه .
لكن ماذا عن الأشهر الأولى لوصوله إلى الولايات المتحدة ؟،يقول : كانت الأشهر الأولى لي خليطًا من شعور الانبهار الحضاري ، والخروج من بيئة مجالس القات ، إلى بيئة المكتبات والبحوث .
ومع بدء دراسته واجهته عدداً من الصعوبات ذات العلاقة ببعض البرامج الدراسية، لكنه تجاوزها…يوضح: “خلال دراستي لبعض المواد باللغة الإنجليزية واجهت فيها صعوبة، لكني تجاوزتها من خلال إعداد بحوث علمية قصيرة لموضوعات من اليمن، كبحث عن الإمام الهادي، والإمام الشوكاني، والشيخ أحمد ابن علوان”.
الدراسات العُليا
استمر مُحمّد في الدارسة؛ فدَرَس الماجستير لمدة سنتين، وبعدها – يقول: طُلب مني في السنة الأخيرة دراسة بعض المواد من أجل الحصول على ماجستير آخر، وحصلتُ -فعلاً- على ماجستير في دراسات الشرق الأوسط وماجستير ثانٍ في دراسات الشرق الأدنى، وجاءتْ رسالة الدكتوراه استمرارًا للدارسات السابقة، وحصلتُ على الدكتوراه في دراسات الشرق الأدنى، وكانت أطروحة الدكتوراه عن تصوّف الشيخ الصوفي أحمد بن علوان ، وبعدها طوّرت تلك الرسالة إلى كتاب .
يعمل الدكتور محمد علي عزيز، وهو متزوج وله خمسة أولاد وبنت، حاليًّا، مدرسًا للغة العربية في جامعة «ييل» بعد انتقاله إليها من جامعة «برنستون»، التي عمل فيها كمحطة أولى ..
وكان الدكتور عزيز قد شغل منصب مدير برنامج اللغة العربية في جامعة “ييل” لمدة ثلاث سنوات من بداية عام 2015م إلى نهاية عام 2017م .
الأطروحة